شيء جميل أن تبصر جيداً دون معاناة من مرور الضوء خلال عدسة عينك الشفافة... فالعدسة النضرة السليمة تؤدي وظيفتها على أكمل وجه عندما تجمع الأشعة الساقطة على العين لتشكل منها صورة واضحة على شبكية العين.

أما إذا أصيبت عدسة العين الشفافة بأي عتامة  فلن تتكون صورة واضحة على الشبكية... وقد يصل الأمر بالإنسان إلى أن يفقد البصر ولا يتبقى له إلا تمييز الضوء من الظلام.

والمياه البيضاء أو الكتاركت من أقدم أمراض العيون التي عرفها الإنسان منذ القدم, فقد وضعت لها العلاجات عند الإغريق والفراعنة والصينيين.

و"كتاركت" Cataract كلمة لاتينية تعني شلال.

و الشلال هو عبارة عن مياه صافية تنحدر بسرعة عالية وتكتسب اللون الأبيض نتيجة لانحدارها بسرعة عاليةوقد اعتقد الإغريق بأن العين هي نافذة الجسد وأن المياه البيضاء التي تصاب بها العين ما هي إلا شلال ينزل من ماء المخ ليظهر في العين, ولهذا أطلقوا على هذا المرض أسم "كتاركت".

ولكن واقع الأمر يؤكد أن المياه البيضاء هي عتامة تظهر في العدسة البللورية الشفافة الموجودة داخل العين... وتؤدي هذه العتامة إلى انخفاض في حدة الإبصار وقلة الضوء الداخل إلى قاع العين..

و الكتاركت أكثر الأمراض شيوعاً ليس على مستوى العين فقط ولكن على مستوى سائر أعضاء الجسم المختلفة. كما أن علاجها مثالي تماماً عن طريق إزالة المياه البيضاء حتى تستعيد العين قدرتها على الإبصار. ومنطقي أنه عند إزالة أي جزء من الجسم يقوم بوظيفة معينة, فهذا يعني أن الجسم يفقد القدرة على أداء هذه الوظيفة مرة أخرى... وهذا عكس ما يحدث عند إزالة الكتاركت حيث تستعيد العين قدرتها على القيام بوظيفتها مرة أخرى... وهذا أمر فريد.

 كما انه خلال العشرين عاماً الأخيرة حدث تطور كبير في طرق إزالة المياه البيضاء مما أتاح للمريض القدرة على أن يستعيد إبصاره مرة أخرى خلال فترة وجيزة.

أسباب الكتاركت:

يمكن تقسيم أسباب حدوث الكتاركت أو المياه البيضاء إلى أربعة أسباب رئيسية هي:

1. كتاركت الشيخوخة:

وتحدث فيها عتامة العدسة البللورية مع تقدم السن, أي تلك التي تظهر بعد سن الأربعين والخمسين وسببها غير معروف.

2. المياه البيضاء الخلقية:

ويولد بها الطفل كعيب خلقي نتيجة إصابة الأم بحمى أثناء فترة الحمل أو لتناولها أدوية ضارة بالجنين... وقد تحدث دون وجود أي أسباب.

3. المياه البيضاء التصادمية ( الناتجة عن الاصابة ):

وهذا النوع من المياه البيضاء يكون بسبب إصابة العدسة البللورية للعين بعتامة نتيجة لاصطدام العين بشيء مدبب أو غير مدبب مما يؤدي إلى إصابة العين بالمياه البيضاء.

4. المياه البيضاء المضاعفة:

وبسببها تحدث عتامة للعدسة إما نتيجة أمراض خاصة بالعين كالتهابات القزحية, والمياه الزرقاء وعملياتها, والانفصال الشبكي أو قد يكون السبب نتيجة أمراض عامة كمرض السكر الذي يسرع من حدوث المياه البيضاء لتظهر في العقد الرابع من العمر.

الأعراض وشكاوى المرضى

يمكن حصر شكاوى المرضى من أعراض المياه البيضاء فيما يلي:

1. ضعف حدة الإبصار:

تبدأ الشكوى من الكتاركت بعدم قدرة المريض المصاب بالمياه البيضاء على تمييز تفاصيل معينة كان يستطيع رؤيتها بسهولة من قبل.

وفي بعض الأحيان يشعر المريض كما لوكان ينظر من خلال زجاج مصنفر, أو كما لو كان زجاج عدسة نظارته الطبية غير نظيف دائما.

نتيجة لأن الإصابة بالمياه البيضاء تحدث في عين قبل الأخرى علاوة على أن المريض يعتمد في الرؤية على النظر بالعينين ففي بعض الأحيان قد لا يكتشف هذه الأعراض إلا عندما يذهب إلى الطبيب لقياس نظارته الطبية ( حيث تختبر حدة إبصار كل عين على حدة).

أو عندما تقوده المصادفة إلى فرك عينه السليمة فيكتشف أنه لا يرى جيداً بعينه المصابة.

2. ضعف الإحساس بدرجة الإضاءة:

ويصف المريض ذلك بأنه لا يستطيع الرؤية ليلاً بصورة جيدة.

وعلى العكس ففي بعض الأحيان يصف المريض أنه يصاب بضعف شديد في حدة الإبصار أثناء النهار وذلك وعندما تكون المياه البيضاء في مركز أو منتصف العدسة.

أو عندما يتعرض لضوء الشمس فتضيق الحدقة ولا ينفذ الضوء إلا من خلال المنطقة المركزية للعدسة البللورية المصابة بالمياه البيضاء.

3. تشتت الضوء:

ويلاحظ ذلك  عند النظر لمصابيح الإضاءة أو أضواء السيارات القادمة  لأن العدسة البللورية أصبحت غير متجانسة في شفافيتها فبعض أجزائها معتمة والأخرى شفافة.

4. عدم القدرة على رؤية الألوان بوضوح:

فعندما تزيد العتامة في عدسة العين تعوق نفاذ بعض الألوان إلى الشبكية خاصة الأزرق والبنفسجي بينما تسمح بنفاذ اللون الأحمر مثلاً.

 و يجب ان نلاحظ  ان  المياه البيضاء الشيخوخية  تزداد  ببطء شديد ودون الشعور بالألم

هل هناك أي شيء يمكن القيام به لمنع تكوّن المياه البيضاء؟

لا. لا نستطيع على الأرجح أن نمنع تكوّن المياه البيضاء لأنها جزء طبيعي من عملية الشيخوخة. ولكن هناك أمورًا يمكن القيام بها لإبطاء تطورها، مثل:

ارتداء النظارات الشمسية:  حيث أن العدسات تمنع التعرض للأشعة فوق البنفسجية "أ"والأشعة فوق البنفسجية "ب".

تناول الوجبات الغذائية الغنية بمضادات التأكسد

الإصابة بمرض السكر والجلوكوما  تجعل الشخص اكثر عرضة للإصابة بالمياه البيضاء و لذا يجب علاجهم مبكرا