التركيب التشريحي للعين

العين هي النعمة التي أنعم الله بها علينا لكي نبصر ونرى بها ما يجري حولنا... العين هي العضو المسئول عن أهم حاسة من الحواس الخمسة ألا وهي حاسة الإبصار.
عن طريق العين نقرأ الكتب والجرائد والمجلات, ونستمتع بما يقدمه التليفزيون من أفلام ومسلسلات, ونرى الناس والأشياء لنتفاعل مع أحداث الحياة.
وكما يقولون في الأمثال الشعبية "العين عليها حارس" فقد حمى الله عز وجل مقلة العين بأن أوجد لها مكاناً داخل تجويف عظمي داخل جمجمة الرأس لتحيط بها وسادة دهنية تحميها وتحافظ عليها من الصدمات الخارجية تماماً كما يحافظ على العين من الخارج جفنان كل منهما مزود بمجموعة من الأهداب "الرموش".
وتحمي هذه الرموش العينين من الأتربة والأجسام الغريبة... والجفنان العلويان للإنسان أكثر قدرة على الحركة من الجفن السفلي.
وتسهل "الملتحمة" عمل العين... أنها عبارة عن غشاء شفاف يبطن الجفن من الداخل, ويمتد على سطح مقلة العين, فهو يسهل حركة الجفن فوق العين.
الأهداب أو الرموش رغم أنها تضفي على وجه الإنسان جمالاً, إلا أنها مسئولة عن وظيفة أخرى أكثر أهمية, فهي تعمل كمصيدة للأجسام الغريبة والأتربة العالقة بالهواء الخارجي وتمنعها من دخول العين وإلحاق الأذى بها.

 

وحتى نفهم التركيب التشريحي للعين لابد من تبسيط عرض مكونات هذا التركيب الحيوي للعين... ويمكن تقسيم هذه المنطقة إلى جزئين أساسيين هما :

 

أولاً: مقلة العين

ثانياً: ملحقات العين ( الجفون – الملتحمة – عضلات العين – الغدة الدمعية ) . 

مقلة العين 

مقلة العين أشبه ما تكون كرة صغيرة, يبلغ قطرها 24مم تقريباً, ويمكن تقسيمها إلى قسمين :

جدران محيطة بالعين وهي عبارة عن ثلاث طبقات.

تجويف العين من الداخل وهو مقسم إلى ثلاث حجرات مملؤة بسوائل وتحتوي على عدسة العين.

 وإذا ما تكلمنا عن الجدران أو الطبقات المحيطة بالعين نجد أنها  :

 

أولاً: الطبقة الخارجية (الصلبة والقرنية):

وتشكل القرنية السدس الأمامي لهذه الطبقة وهي شفافة تماماً مما يسمح بدخول أشعة الضوء إلى داخل العين. وإذا فقدت القرنية شفافيتها يكون ذلك سبباً في عدم القدرة على الرؤية
أما الجزء الخلفي من الطبقة الخارجية فيطلق عليه الصلبة أو بياض العين وتكون خمسة أسداس هذه الطبقة, ووظيفة الصلبة كما يتضح من أسمها أنها تتميز بصلابتها التي تحمي مكونات العين الأخرى من الصدمات الخارجية... وبياض العين جزء غير شفاف ولذلك لا يمر الضوء من خلاله, فهو أشبه بصندوق آلة التصوير الذي يمنع دخول الضوء حتى لا يحدث تشويشاً على الصورة المتكونة داخل العين

 

ثانياً: الطبقة الوسطى  :

وتتألف هذه الطبقة من ثلاثة أجزاء هي: الجزء الأمامي (القزحية), والجزء الأوسط (الجسم الهدبي), ثم الجزء الخلف (المشيمة ) .

 

القزحية Iris

تمثل القزحية الجزء الأمامي من الطبقة الوسطى, وهي عبارة عن قرص مستدير في وسطه ثقب يدخل منه الضوء, ويسمى هذا الثقب "بالحدقة" او باللغة العربية الفصحى "البؤبؤ".
والقزحية هي المسئولة عن تكوين لون العين.
وتحتوي على خلايا صبغية.
وتسمى الصبغة بـ "الميلانين" فإذا كانت الصبغة قليلة في هذه الخلايا فإنها تعطي العين اللون الفاتح, الأزرق أو الأخضر.
أما إذا كانت الصبغة كثيرة, فإنها تكسب العين اللون الغامق (البني أو العسلي ).
ومعروف أن الشعوب الشرقية يكون لون عيونها مائلاً إلى البني الداكن أو الفاتح (العسلي), بينما تتميز الشعوب الغربية بلون عيونها المائل للزرقة أو الأخضر.
وهناك من يلتبس عليه الأمر في التفرقة ما بين القرنية والقزحية.
ويمكن تبسيط الفرق بينهما عندما يكون لدينا ساعة, فنستطيع أن نشبه قرنية العين بزجاج الساعة أو الباغة بينما ميناء الساعة فهو القزحية الذي يمكن أن يتغير لونه من ساعة إلى أخرى ويعتقد بعض الناس خطأ أن القرنية التي في حقيقتها شفافة التي تعطي للعين لونها, ولذا يطلقون عليها أسم سواد العين.
والحدقة باللاتينية تسمى Pupil وتعني الفتاة القاصر... وأعتقد أن التسمية جاءت نتيجة لأن الحدقة تتسع وتضيق باستمرار عند تفاعلها مع الضوء أو الأشياء القريبة كما لو كانت تلهو وتتحرك طول الوقت.
والوظيفة الرئيسية لحدقة العين تنظيم كمية الضوء النافذ إلى العين حيث تضيق في الضوء الشديد وتتسع في الضوء الخافت, تماماً كما في الكاميراً حيث يفتح المغلاق Shutter عند التصوير الليلي أو في أماكن ضوؤها ضعيف وذلك لإدخال أكبر كمية من الضوء للفيلم.
ويضيق هذا "الشاتر" نهاراً في ضوء الشمس الساطعة لكي يدخل أقل كمية من الضوء.

الجسم الهدبي:

وهو يمثل الجزء الأوسط من الطبقة الوسطى, ووظيفته الأساسية إفراز السائل المائي الذي يملأ فراغ العين الأمامي... ولكن له وظيفة أخرى أنه يحتوي على العضلة الداخلية للعين المسئولة عن تكيف حدة الإبصار للعين عند النظر للمسافات القريبة او البعيدة.
وتخرج من أهداب الجسم الهدبي بعض الأربطة التي تلتصق بعدسة العين فعندما تنقبض عضلة الجسم الهدبي ترتخي هذه الأربطة وتتيح للعدسة البللورية زيادة تحدبها وسمكها, بمعنى أن الجسم الهدبي يتحكم في تغيير درجة تحدب عدسة العين عن طريق شد وإرخاء بعض الأحبال المتصلة بعدسة العين,

المشيمة

المشيمة هي الجزء الخلفي للطبقة الوسطى, وهي عبارة عن طبقة أسفنجية رقيقة تتكون من شبكات متداخلة من الأوعية الدموية.
والمشيمة مسئولة عن توصيل الغذاء لأجزاء كثيرة من العين.

ثالثاً: الطبقة الداخلية ( الشبكية ) :

وتتكون الطبقة الداخلية من الشبكية ( Retina)

وهي مسئولة عن استقبال الصور وإرسالها عن طريق ألياف عصبية تتجمع لتكون العصب البصري " Optic Nerve" حيث تسقط عليها صور المرئيات من العالم الخارجي فتقوم بنقلها عن طريق العصب البصري إلى مركز الإبصار بالمخ.
والشبكية أو الطبقة الحساسة أطلق عليها العرب أسم الشبكية لأن الضوء يتجمع عندها في صورة كما يتجمع السمك في الشبكة.

 

ويوجد نوعان من الخلايا العصبية الحساسة للضوء بالشبكية:

 

الخلايا المخروطية  :

أي على شكل أقماع وهي مسئولة عن حدة الإبصار والتحديد الدقيق للمرئيات وتمييز الألوان والرؤية في ضوء النهار.

الخلايا العصوية:

أي على شكل عصيات ووظيفتها الرؤية الليلة.

وتحصل هذه الطبقة الحساسة على غذائها من مصدرين  :

 الأوعية الدموية الموجودة في المشيمة.

من الشريان الشبكي المركزي.

ويوجد على الشبكية ستة ملايين قمع ومائة وعشرون مليون عصا وتتركز الأقماع في منطقة صغيرة جداً من الشبكية هي الماقولة وبواسطتها يرى الإنسان في النهار أو في الضوء, ويرى الألوان والكتابة والأرقام والأشكال.
أما العصيات فهي منتشرة في باقي أجزاء الشبكية, وبها يرى الإنسان في الضوء الخافت, ويرى حركة الأشياء بحيث تتحرك العين لكي تدقق في الشيء الموجود أمامها لتراه تفصيلياً.
وفي الضوء الخافت ترى العين بواسطة الخلايا أو النهايات العصبية العصوية حيث تكون حساسيتها للضوء شديدة جداً.
فالإنسان بمقدوره أن يرى ضوء عود كبريت من على مسافة كبيرة في الظلام, بينما لا يرى ضوء لمبة فلورسنت في عز النهار.
والجدير بالذكر أن العين لا ترى جيداً في وجود الضوء الخافت لأن الماقولة أو الخلايا المخروطية أو الأقماع لا تعمل في الضوء الخافت, كما أن الإنسان لا يستطيع أن يميز الألوان في الظلام أو الضوء الضعيف.

تجويف العين من الداخل:

العين من الداخل يمكن تقسيمها إلى ما يلي:

 الحجرة أو الخزانة الأمامية:

وهي عبارة عن فراغ يقع ما بين القرنية والقزحية, يكون مملوءاً بالسائل المائي للعين الذي يفرزه الجسم الهدبي خلف القزحية... ويمر هذا السائل من خلال حدقة العين ليملأ الخزانة الأمامية.
ويوجد تركيب مهم للغاية يطلق عليه أسم "زاوية الخزانة الأمامية" في المكان الذي تلتقي فيه القرنية والقزحية.
هذه الزاوية هي المسئولة عن تصريف السائل المائي من الخزانة الأمامية إلى خارج العين, ولذا فهي تشبه في تركيبها المصفاه إلى حد كبيروذلك للحفاظ علي قيمة ثابتة لضبط العين .
وعندما يحدث انسداد في ثقوب أو خروم هذه المصفاة يصاب الإنسان بأرتفاع في ضغط العين أو ما يسمى بالمياه الزرقاء أو الجلوكوما لأنه من المفروض أن يوجد توازن بين كمية السائل الشفاف التي يفرزها الجسم الهدبي والكمية التي تخرج من العين... وبذلك يستمر ضغط العين طبيعياً.
وعندما يصاب الإنسان بالجلوكوما نتيجة عدم تصريف السائل المائي خارج العين تزداد كميته داخل العين فيضغط على العصب البصري الذي يبدأ في التأكل.
 

الحجرة أو الخزانة الخلفية

وهي عبارة عن فراغ يقع خلف القزحية مباشرة تحده العدسة البللورية من الخلف, ومملوء بالسائل المائي الذي يفرزه الجسم الهدبي.
وتشبه العدسة البللورية التي تحد الخزانة الخلفية من الخلف حبة الترمس إلى حد كبير, وهي شفافة تماماً ووظيفتها تجميع حزم الأشعة الضوئية الصادرة عن المرئيات البعيدة والقريبة لتظهر صورتها على الشبكية.
وتتغير درجة تحدب العدسة تبعاً لبعد المسافة التي تفصل بين المرئيات والعين, فيزداد تحدبها للمرئيات القريبة, ويقل للمرئيات البعيدة وكلما ازداد تحدب العدسة ازدادت قدرتها على تجميع الأشعة الضوئية والعكس صحيح.
ومع تقدم الإنسان في العمر تفقد عدسة العين شفافيتها وتصاب بعتامة متدرجة تمنع الرؤية بوضوح وهو ما يعرف بالمياه البيضاء.

- تجويف الجسم الزجاجي: 

وتملأ هذا التجويف مادة جيلاتينية شفافة تشبه الجيلي الشفاف عديم اللون يطلق عليه أسم الجسم الزجاجي ويقع ما بين عدسة العين من الأمام والشبكية من الخلف... وتقوم هذه المادة الجيلاتينية بتغذية العين.
وننتقل الآن إلى شرح ملحقات العين الأربعة وهي الجفون والملتحمة وعضلات العين والجهاز الدمعي.

الجفون: 

حبا الله كل عين بجفنين أحدهما علوي والآخر سفلي لحماية مقلة العين على وجه التحديد... وتحمل حافة كل جفن مجموعة من الأهداب (الرموش) وهي عبارة عن شعيرات قوية بالغة الحساسية لأي شئ يمر عليها أو يلامسها مهما كانت درجة رقته.
وتتصل هذه الرموش بشبكة من الأعصاب فائقة الحساسية بحيث إذا تعرضت الرموش لأي مؤثر خارجي فسرعان ما ينطبق الجفنان وتغلق العين.
وتتحرك جفون العين من حين لآخر حركة تلقائية ذاتية أو ما نسميه أن العين "ترمش"... وهذه الحركة ضرورية لضمان توزيع السائل الدمعي وإفرازات الغدد الدمعية على سطح القرنية ويحميها من الجفاف, كما أن هذه الحركة الذاتية تعمل على إزالة الأجسام الغريبة والشوائب من على سطح المقلة والتخلص منها, كما أن العين عندما ترمش فإنها تعطي الشبكية فترات من الراحة لا تتعرض خلالها للضوء.

الملتحمة:

وهي عبارة عن غشاء مخاطي يغطي الجفن من الداخل, ثم يلتف ليغطي بياض العين, ويمنع هذا الغشاء احتكاك الجفنين بسطح العين. وعندما تصاب الملتحمة بالالتهابات المختلفة نقول إنها مصابة بالرمد (رمد حبيبي أو رمد صديدي أو رمد ربيعي).

عضلات العين:

توجد ست عضلات تلتصق بالسطح الخارجي لبياض العين... وتعمل بنظام دقيق للغاية حتى تمكن العينين من الحركة معاً في تناسق وسهولة تامة.
وإذا ما تعرضت أحدى العضلات الخارجية لأي من العينين بخلل ما يصاب الإنسان بالحول وازدواج الرؤية.

الجهاز الدمعي:

الجهاز الدمعي يتشكل من غدة أساسية ومجموعة أخرى من الغدد الثانوية لإفراز الدموع المبللة لسطح العين وكيس دمعي لتصريف الدموع الزائدة وتتكامل وظيفة الجهاز الدمعي بالتعاون مع الملتحمة التي تفرز الطبقة الدمعية بينما تفرز الغدة الدمعية الموجودة أعلى التجويف العظمي للعين الدموع عند التعرض لأي عامل خارجي مثل التعرض لأتربة أو شوائب أو ضوء الشمس وحتى التثاؤب.
ويتم التخلص من الأثر الضار للشوائب أو الأتربة أو الأجسام الغريبة من خلال فتحة تصريف القنوات الدمعية الموجودة على الجانب الداخلي للجفن العلوي والسفلي.
وتحتوي الدموع على إنزيمات وأجسام مضادة لتطهير العينين.