أمـــراض الحجــــاج

الحجاج تشريحياً هو التجويف العظمي في الجمجمة الذي تقع داخله مقلة العين وإكلينيكياً يتم إطلاق تعبير الحجاج على المنطقة التي تحيط بالعين من عضلات وأعصاب وعظام وغدد وقنوات دمعية.

وقد تحولت أمراض الحجاج إلى تخصص مستقل منذ ما يزيد على عشرة سنوات وقدم هذا التخصص حتى الآن مجموعة من الأساليب العلاجية المختلفة استطاعت التعامل بكفاءة مع جميع أمراض الحجاج وتحقيق نسب نجاح تتجاوز الـ 95% من غالبيتها الساحقة سواء بالنسبة لأمراض الحجاج الداخلية أو الخارجية المؤثرة على حركة الجفون وجمال العين ومظهرها الخارجي.

ووصل الأمر إلى حد إجراء جراحات دقيقة للغاية بالمنظار الجراحي لإزالة بعض الأورام أو زرع شعاب مرجانية في تجويف الحجاج لمنحه القدرة على الاستمرار في النمو إذا ما تعرضت العين نفسها لما يؤثر على نموها.

وتنقسم أهم أمراض الحجاج إلى الآتي:

العيوب الخلقية:

مثل ضمور أو عدم تكوين جزء من عظام الحجاج مما يجعل العين معرضة للأصابة أو وجود جزء من أنسجة المخ داخل تجويف الحجاج مما يؤثر على نمو مقلة العين وهناك أيضاً صغر حجم مقلة العين وعدم تكوينها بالكامل ومما يؤثر على مظهر المريض كما يؤدي عدم اكتمال نمو مقلة العين إلى عدم نمو عظام الحجاج والوجه بالصورة السليمة مما يسبب تشوهات بالوجه خصوصاً في مرحلة البلوغ والمراهقة.

وقد ثبت علمياً أن عظام الحجاج والوجه لا تنمو إلا في حالة وجود مقلة عين سليمة وصحيحة النمو أما إذا كانت المقلة غير مكتملة النمو أو تعرضت لإصابة أو مرض يؤثر على درجة نموها فإن عظام الحجاج لا تنمو بالصورة السليمة الطبيعية.

وللتغلب على هذه المشكلة فقد أصبح من الممكن في هذه الحالات زراعة أنسجة من جسم المريض (من جدار البطن أو الفخذ) داخل أنسجة الحجاج لزيادة معدل نموه أو زراعة أعشاب مرجانية معدلة طبياً لتحقيق نفس الهدف خاصة في الأطفال في سن المدرسة لمنع حدوث تشوهات عند الكبر.


الالتهابات:

وتكون معظمها منتشرة من الجيوب الأنفية خصوصاً في الأطفال وتكون مصحوبة بارتفاع في درجة الحرارة وتورم بالجفون وبتكون تجمع صديدي قد يصل إلى حد الخراج في داخل تجويف الحجاج ويستلزم الأمر علاجاً سريعاً بالمضادات الحيوية بجرعات مناسبة, وفي بعض الأحيان عمل جراحة طارئة لإزالة التجمع الصديدي قبل انتشاره حول العصب البصري أو داخل مقلة العين.

إلتهاب الحجاج الميكروبى Orbital Cellulitis

تقع العين داخل تجويف عظمى فى الجمجمة يسمى الحجاج أو المحجر Orbit وتحيط الجيوب الأنفية بالحجاج من أعلى ومن أسفل ومن ناحية الأذن وتمتاز العظام التى تفصل بين الحجاج والجيوب الأنفية بسمكها الرقيق جدا والذى يبلغ فى بعض الأحيان 1مم آى أقل من سمك الورقة .. ولذلك فإن أغلب ألتهابات الحجاج الميكروبية تحدث نتيجة إنتشار الإلتهاب من الجيوب الأنفية .. بينما تحدث نسبة بسيطة من حالات الآلتهاب نتيجة إنتشار الإلتهاب من مناطق أخرى بالجسم وعاده مايحدث ذلك فى مرضى نقص المناعة أو مرضى السكر أو المرضى الذين يتم علاجهم بالعلاج الكيميائى والذى يستخدم فى حالات الأورام السرطانية .. وتحدث نسبة كبيرة من حالات إلتهاب الحجاج بصفة خاصة فى الأطفال ويكون ميكروب Haemophillus  هو المسبب الرئيسى بها ولذلك إنخفضت نسبة الأصابة بإلتهاب الحجاج بعد تعميم التطعيم من هذا الميكروب فى الأطفال وإنخفاض نسبة الأصابة به ... ويؤدى إنتشار الإلتهاب إلى داخل الحجاج إلى ارتفاع فى درجة الحرارة وفقدان للشهية وصداع وآلم شديد بالجبهة والرأس ثم يظهر تورم فى منطقة الجفون والعين مع عدم القدرة على تحريك العين بصورة سليمة وجحوظ بالعين المصابة نتيجة تورم أنسجة الحجاج أو حدوث خراج بها .. وتستلزم الحالة علاجا سريعا يبدأ بدخول الطفل أو المريض إلى المستشفى مع إجراء أشعة مقطعية على الحجاج لبيان مكان ومدى الإلتهاب .. ويبدأ العلاج فورا فى صورة مضادات حيوية ضد الميكروب المسبب مع أدوية مضادة للإلتهاب ويتم ملاحظة مدى إستجابة المريض كل عدة ساعات وفى حالة عدم الاستجابة الفورية او فى حالة وجود خراج يجب اللجوء فورا إلى التدخل الجراحى لمنع وصول الالتهاب إلى أعصاب العين أو مقلة العين للمحافظة على الأبصار.

أما حالات الالتهاب والتى تحدث نتيجة ضعف المناعة او مرضى السكر او الفشل الكلوى او مرضى السرطان فعادة مايكون الالتهاب ناتج عن فطر Mucormycosis ويستلزم الأمر تدخل جراحى سريع لمحاولة الحفاظ على الإبصار وإزالة الأجزاء المصابة مع إستخدام لمضادات الفطريات ومحاولة زيادة مناعة الجسم مع خفض لنسبة السكر فى الدم.

الأورام:

وتنقسم أورام الحجاج إلى نوعين رئيسيين هما الأورام الأولية والأورام الثانوية.

الأورام الأولية تنمو من أنسجة الحجاج ذاتها مثل العضلات أو الشرايين والأوردة أو الأعصاب وأهمها أورام الشرايين وأورام العصب البصري في الأطفال والأورام الليمفاوية... وعادة تنمو هذه الأورام ببطء فلا يلاحظها المريض إلا بعد سنوات من وجودها وتؤدي إلى زغللة بسيطة بالرؤية مع ضعف في القدرة على تمييز الألوان نتيجة تأثيرها على العصب البصري وعند زيادة حجمها تسبب اضطراباً في حركة عضلات العين وازدواجاً بالرؤية وجحوظاً بالعين وهذه الأورام يتم علاجها جراحياً باستخدام الميكروسكوب الجراحي ويمكن إزالتها في أكثر من 95% من الحالات وبدون آثار جانبية.

أما الأورام الثانوية فيقصد بها الأورام التي تبدأ خارج العين ثم تنتقل إليه مثل أورام الثدي عند السيدات وأورام الرئة السرطانية وأورام الدم, وعادة ما تنمو هذه الأورام بمعدل سريع مما يؤدي إلى جحوظ مبكر بالعين مع تأثير شديد على الرؤية وهذه الأورام يجب تحليلها أولاً ثم علاجها كيميائياً وباستخدام الإشعاع بعد ذلك.

الإصابات:

وتمثل إصابات الحجاج نسبة 10% من الإصابات الناتجة عن حوادث السيارات وقد ارتفع معدلها بصورة كبيرة في السنوات الماضية وأهم أنواع إصابات الحجاج هي حدوث كسر في عظام الحجاج على الرغم من عدم وجود أي جرح خارجي يدل على وجود كسر بالعظام ويحدث الكسر نتيجة اصطدام الحجاج والعين بشئ متحرك قطره أكبر من قطر العين مثل كرة التنس أو قبضة اليد أثناء الملاكمة أو زجاج السيارة الأمامي في حوادث السيارات.

وتنبع خطورة هذا النوع من الإصابات نتيجة الأسباب التالية:

أولاً: أن تشخيص الإصابات يحتاج إلى دقة لعدم وجود أي علامة خارجية تدل على الكسر.
ثانياً: أن العلاج يجب أن يتم سريعاً لأن تأخر العلاج يؤدي إلى التئام العظام بصورة خاطئة وحدوث تشوهات يصعب علاجها مستقبلاًَ.
ثالثاً:
أن العظام المكسورة قد تؤدي إلى قطع بعضلات العين المحيطة بها وحدوث ازدواج دائم في الرؤية وحول.
رابعاً: أن هذا الكسر في الأطفال يؤدي إلى تقليل سرعة نبضات القلب مما يؤدي إلى حدوث وفيات بينهم نتيجة لذلك, مما يستوجب علاجه فور حدوثه دون تأخير.
ويؤدي الكسر إلى تحرك أنسجة الحجاج من مكانها وسقوطها داخل تجويف الجيوب الأنفية فيحدث ازدواج في الرؤية وارتخاء ثانوي في الجفن العلوي وضمور في الدهون المحيطة بالعين داخل الحجاج الذي يؤدي بدوره إلى ضمور في أنسجة الحجاج وصغر حجم العين.

واكتشاف حدوث هذا النوع من الكسور يحتاج إلى فحصها بواسطة طبيب عيون متخصص لملاحظة حركة العين ومستوى الجفون وقياس درجة استجابة أعصاب الجفون الحسية, كما قد يتطلب عمل أشعة مقطعية لتحديد مستوى ومكان الكسر بدقة ويتم علاج الكسر عن طريق تثبيت عظام الحجاج باستخدام شرائح مصنعة خصيصاً لذلك وقد يستوجب أيضاً تركيب مسامير لضمان ثبات العظام ويتم ذلك بدون أي فتح خارجي بل من داخل الجفن ذاته.